طائر الحسون

بسم الله الرحمن الرحيم.

في هذه التدوينة الافتتاحية بطائر الحسون على مدونة طيور المغرب, سنتعرف على طائر الحاسون, و الذي يلقب بملك الطيور المغردة.

OLYMPUS DIGITAL CAMERA

طائر الحسون أو الموقنين كما يطلق عليه في شمال إفريقيا, هو طائرٌ صغير من رُتبة الجواثم وفصيلة الشُرشُوريَّات. يمتدُ موطن هذه الطُيور من أوروپَّا الغربيَّة وُصولًا إلى سيبريا الوُسطى، ومن شمال أفريقيا حتَّى آسيا الغربيَّة والوُسطى. كذلك، فقد أُدخلت إلى الكثير من بُلدان العالم عن قصد أو بطريق الخطأ، عندما أُحضرت لِغرض تجارة طُيور الأقفاص، ومن تلك البُلدان: أستراليا ونيوزيلندا وعدد من الجُزر الأوقيانوسيَّة ودُول أمريكا الجنوبيَّة. غذاؤها الرئيسي يتكوَّن من بذور النباتات المُعمِّرة، والأشواك البريَّة، وبعضُ ثمار الأشجار. تُشاهد أسرابها كثيرًا وهي تتنقل على امتداد جوانب الطُرق من بُقعة من النباتات الشوكيَّة إلى أُخرى.[4] يُصنِّفُها الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة على أنها غير مُهددة بأيِّ شكلٍ من أشكال الانقراض, لكن في السنوات الأخير هناك حملة شرسة من قبل صائدي هذا الطائر الجميل مما تسبب في تناقص أعدادهم بشكل كبير و خاصة في شمال إفريقيا, رغم أنه مصنف تحت الطيور المحمية من الصيد و يجرم اصطيادها, إلا أن هذا لا يواني الصيادن و المهربين على الإعتداء على مناطقها و اصطيادها بشكل عشوائي حتى في مواسم التكاثر.

 

– التسمية

ورد في قاموس المعاني: «حَسُّون: عُصْفُورٌ غِرِّيدٌ مُلَوَّن». و«حَسُّون» مُشتقة من «حُسْن» أي «جَمَال»، وهو يعكُس منظر الطائر البهيّ مُمتع النظر. صُنِّفت الحساسين الأوراسيَّة ِلِأوَّل مرَّة سنة 1758م على يد عالم الحيوان السُويدي كارلوس لينيوس، وأعطاها التسمية العلميَّة «Fringilla carduelis»، وفي وقتٍ لاحق تمَّ تغيير إسم جنسها إلى «Carduelis» المُشتقَّة من «carduus» اللاتينيَّة، وتعني «الشوك البرّي»، في إشارةٍ إلى حُب هذه الطُيور لِبذور الشوك، وشُيوعها بين جنباته، وهذا الأمر أدّى بدوره إلى تسميتها بأسماءٍ تُعبّر عن عاداتها في التغذية، مثل «Distelfink» الألمانيَّة التي تعني حرفيًّا «شُرشُور الشوك». سُميِّت هذه الطُيور أيضًا بأسماء تعكس هيئتها الخارجيَّة المُزوَّقة أو تغريدها الرخيم، ومنها «Stieglitz» الألمانيَّة، المُشتقة من الكلمة الهولنديَّة «szczygieł» التي يُعتقد بأنَّها مُسمّىً تمثيليّ لِصوت الطائر. ومن أسمائها التي تعكس منظرها الخارجي: «Chardonneret élégant» الفرنسيَّة التي تعني حرفيًّا «الحسّون الأنيق»، و«Goldfinch» الإنگليزيَّة، وهي عبارة نحت لِكلمتين: «Gold» و«Finch»، وتعني حرفيًّا «الشُرشُور الذهبي»، في إشارةٍ إلى ريش الطائر البرَّاق.

– الغذاء

European_Goldfinch_Jispa_Himachal_Pradesh_2013

تقتاتُ الحساسين على البذور الصغيرة بشكلٍ رئيسيّ، وبالأخص بذور الشوك البرّي (وهو ما أوحى باسمها العلميّ المُشتق من كلمة «Carduus»، وهي اسم جنس إحدى الأشواك) والممشقات. وفي موسم التفريخ تصطادُ الحشرات لإطعام فراخها، وبالأخص المن.خِلال الشتاء يُشاع رؤيتها في الحدائق المنزليَّة تقتات على البذور الموضوعة في مُغذيات الطُيور. وتُفضِّلُ الحساسين الأوراسيَّة الاقتيات على البذور الناضجة أو شبه الناضجة للنباتات المُعمِّرة ونباتات المُروج والأشجار. أظهرت بعض الأبحاث أنَّ هذه الطُيور تقتات على ما مجموعه 152 نوعًا من بذور النباتات العطريَّة، وأنَّ أكثر ما تُفضله منها هي: القُصوان الحقلي، والتفاف، والقُصوان، والممشقات، بالإضافة إلى الحمَّاض، ولسان الحمل، وحشيشة القزاز، ودوَّار الشمس، والصنوبر البرّي، والقضبان.

– التزاوج و التعشيش
تبدأ الذُكور بالتودد إلى الإناث خِلال شهري شُباط (فبراير) أو آذار (مارس)، اعتمادًا على نقاوة الطقس، فتُغرِّد وتؤدي عُروضًا قافزة. وبعد بضعة أسابيع من العُروض، عادةً ما تُقدم الإناث على الخُطوة الأولى في التودد إلى ذُكورها، وغالبًا ما تقترب الأُنثى إلى الذكر مؤرجحةً جسدها وخافضة رأسها ومنقارها، كما تنفش ريشها في مُحاولة لِإخفاء الشريطين الأصفرين على جناحيها. أمَّا الذكر فيُحاول أن ينتصب كي يظهر أكبر حجمًا، ويُبرز ريشاته المُزوَّقة، وقد يبسط جناحيه بعض الشيء كي يُظهر الشريطين الأصفرين، وكثيرًا ما يُقدم الذكر على إطعام أُنثاه، فإن تقبلتهُ تُبدي له ذلك عبر القرفصاء ورفع ذيلها عاليًا، ثُمَّ يلي ذلك الجماع. ويقعُ الجماع بين الأليفين عدَّة مرَّات خلال النهار إلى أن تضع الأُنثى بيضها.

Stieglitzgelege
عش طائر الحسون به ست بيضات

Stieglitznest_mit_Jungen

عش حسون به فراخ

 

بالنسبة للتعشيش, تقومُ الأُنثى والذكر بزيارة عدَّة مواقع تعشيشٍ مُحتملة وتختارُ الأفضل بينها، ثُمَّ تبدأ ببناء العُش. وتُفضِّلُ الحساسين الأوراسيَّة الأماكن المُرتفعة ذات الغطاء النباتي المُلائم لِحجبها عن عُيون الضواري، والكاشفة للمنطقة أمامها. وكثيرًا ما تختار الحساسين إقامة أعشاشها في أعالي الأغصان أو في الجنبات والشُجيرات المُرتفعة، على غُصنٍ مُتفرِّع أو على طرفه. والعُش صغير الحجم كأسيّ الشكل، يُشيَّد من العيدان والغُصينات والجُذور الصغيرة والطحالب والأشنات والألياف النباتيَّة. يُبطَّنُ داخل العُش بالغُصينات الطريئة، والسُويقات، والألياف، والريش، والصوف. يبدأ التعشيش غالبًا في أواسط شهر نيسان (أبريل) ويستمر ما بين أربعة وستة أيام. يقوم الزوجان بحماية الشجرة أو الجنبة التي عششا فيها طيلة فترة الرخم على البيض ضدَّ أيَّة حساسين أُخرى قد تُحاول مُنافستها.
تضع الأُنثى بُيوضها بشكلٍ يوميّ، غالبًا خِلال فترات الصباح الباكر، وكثيرًا ما لا يكون العُش جاهزًا بعد حينما تضع الأُنثى بيضتها الأولى. تتألَّف الفقسة من خمسة بُيوض في العادة، وفي حالاتٍ نادرة قد تتألَّف من أربعة أو ستَّة بُيوض. تتخذُ البُيوض لونًا مبيضًا تقريبًا، وتظهر عليها بضعة رقش حمراء وسوداء، وفي أحيانٍ نادرة تأتي البُيوض ناصعة البياض. ما أن تضع الأُنثى بيضتها الثالثة حتَّى تبدأ بالرخم عليها وحدها، وتستمر فترة الحضن ما بين 12 و14 يومًا، يتولّى الذكر خلالها إطعام أُنثاه، التي لا تُغادر العُش إلَّا لِتتبرَّز.

– الفراخ

تفقسُ الطُيور الصغيرة عمياء وعارية من الريش، وفي العادة تفقس ثلاثةٌ منها أولًا، ثُمَّ يفس الفرخ أو الفرخان الأخيران في اليوم التالي. تلتصقُ الفراخ ببعضها البعض خِلال أيَّامها الأولى كي تُحافظ على دفئها. يُقدمُ الأبوان على التهام بعضٌ من قشر البُيوض وتُلقي بالباقي خارج العُش للحيلولة دون اجتذاب تلك البقايا للحشرات. يتولَّى الذكر مُهمَّة إطعام الأُنثى والفراخ خلال الأيَّام الستَّة الأولى من حياتها، فيُحضر لها بُذورًا مطحونة في حوصلته ويتقيأها داخل أفواهها. وتقوم الأُنثى بأكل براز الفراخ بدايةً من يومها الثاني في الحياة وُصولًا إلى يومها السَّادس، وحينها يقومُ الذكر بحمله ورميه خارج العُش حتَّى اليوم الثاني عشر، لِيقوم بعدها بتجميعه على أطراف العُش. تفتحُ الفراخ أعُينها خِلال الفترة المُمتدَّة من اليوم الخامس إلى السَّابع، وتبدأ بتوسُّل الطعام من أبويها، التي تُطعمها بذور الشوك البرّي بشكلٍ رئيسيّ. تبدأ الفراخ بمُغادرة العُش خِلال الفترة المُمتدَّة بين يوميها الثاني عشر والرَّابع عشر.

Stieg

الذي بالأعلى ذكر بالغ و الذي في الأسفل حسون صغير

ذكر حسون يأكل فرخه

حسون يطعم فرخه

ما أن تكتسي الفراخ بالريش تمامًا حتَّى تستقر على إحدى الأغصان وتستمر تُنادي أبويها كي تُطعمها، وفي تلك الفترة تشرع الأُنثى في تشييد عُشٍ آخر كي تضع فقستها الثانية. خِلال الفترة المُمتدَّة بين يوميها العشرين والخامس والعشرين، تبدأ بالفراخ بالسعي وراء قوتها بنفسها، وخِلال 28 أو 30 يومًا تستقل بشكلٍ تام عن أبويها. تتعرَّض الفراخ حديثة الاستقلال لِمخاطر جمَّة، أبرزها من القطط والجوارح والسموريَّات.
يصلُ أمد حياة الحسُّون في البريَّة إلى ثماني أو تسع سنوات كحدٍ أقصى، وفي الأسر يُمكنها أن تبلغ 17 سنة. يقوم الكثير من هُواة تربية الطُيور بتفريخ الحساسين في الأسر بأقفاصٍ فرديَّة، غير أنَّها كثيرًا ما تُفضِّلُ الأقفاص الكبيرة الواسعة أو المطيرات المُتوسطة المُزوَّدة ببعض المجاثم النباتيَّة الطبيعيَّة، حيثُ يُمكنها أن تعيش بأسرابٍ صغيرة وتؤدي أنشطتها الطبيعيَّة من طيرانٍ وشقلبة وتفاعُل مع بني جنسها.

 

-الحسون و الأسر
منذ اكتشاف هذا الطائر الجميل بدأ هواة الطيور في التهافت على تربية و الإعتناء به في القفص, حيث يتم توفير قفص صغير في بداية الأمر لتجنب إيذاء الطائر لنفسه بكثر الطيران العشواء رغبتا في الخروج من الأسر, مع تقديم مجموعة من الحبوب أغلبها تكون نفس النوعية التي اعتاد عليها في البرية و ذالك ليسهل ترويضه على القفص, لأن طائر الحسون صعب المراس نوعا ما حيث تتوفى أغلب الطيور في أيامها الأولى إن لم يكن المربي على دراية كافية بطريقة التعامل معه, و بعد أن يصبح الطائر أكثر هدوءا و اعتيادا على القفص يتم تزويده من حين لآخر بحبوب الفلارس أو ما يصطلح على في شمال إفريقيا بالزوان حتى يعتادها, تصبح غذائه الأساسي و ذلك لفوائدها العديدة زيادة على توفرها بكثرة مقارنة ببذور الشوك لكن تقدم له هذه الأخرة بين الفينة و الأخرى و ذالك لحب الحسون الشديد لها.

– تزاوج الحسون في الأسر.

Domestifikovaní_stehlíci_na_hnízdě
زوج حسون يعدون العش داخل الأسر

هناك عديد من المحاولات لتزويج الحسون في الأسر, لكن عموما يبقى هذا صعب نوعا ما و ذالك راجع بالأساس لصعوبة ترويض الأنثى على القفص, أما بالنسبة للذكر فهو يعتاد على القفص بشكل أسرع و إمكانية تزاوجه في الأسر خلال سنته الأولى, حيث يتم تزويجه بأنثى الكناري مما ينتج طائر هجين يسما “مايسترو” .

ماسترو

طائر الماسترو هجين الحسون و الكناري
وهو طائر عقيم لا ينجب لكن يتميز بقدراته الرهيبة على حفظ المقطوعات التغريد و بقدراته الصوتية العالية, و كذا مناعته القوية مقارنة بالحسون.

و في الأخير يتوجب التحسيس بضرورة المحافظة على هذا الطائر الجميل و ذالك من خلال محاربة الصيد الجائر و التجار العمياء و تهريبه إلى الخارج و خاصة في موسم التزاوج حيث يجب منح الطائر راحة بيولوجية للتكاثر.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.